وطني

ـ1ـ
"فافي" رائعة..
فكراً، 
ولغة، 
وأسلوباً،
هي شاعرة عظيمة.. وكفى
ـ2ـ
الآن فهمتُ سرّ اهتمامي الزائد بها
عندما نوّرتْ سيدني بطلّة.. 
ولا أجمل.
الآن أدركتُ سببَ اشتياقي القاتل لها
عندما ودّعتها بقبلة على يدها.. 
ولا أحنّ.
الآن عرفتُ لماذا الطيورُ لا تقع 
إلا على أشكالها.
الشعراء، 
يتنفسّون برئة واحدةٍ
فإن تألّمَ أحدهم، 
تألّمَ الجميع.
ـ3ـ
ما أجمل "فافي" وهي تكتب..
انسيابُ حروفها،
مفرداتها،
عباراتها،
صورها،
كانسياب الحبّ في قلوب العشّاق.
ـ4ـ
البارحة، قرأت على قبر أمي
مقالها القصيدة:
"وجه أمي.."
حملته معي ورحتُ أقرأه لأمي..
تألّمتْ  حين رأتني أبكي،
وتألّمتْ أكثر حين أخبرتها
أن "فافي" بكت أمّها 
أكثر مما بكيتُها أنا،
ورحت ألومُ نفسي أمامها، 
وأعتذرُ على تقاعسي في البكاء.
هدّأتْ من غضبي وهمستْ:
هي امرأة، يابنيّ، وأنتَ رجل.
هي يحق لها أن تبكي أكثر منك
لأنها أحنُّ منك.
قلبها أكبر من قلبك،
أنانيتها أقل من أنانيتك،
هي أمٌّ يا ولدي..
فهنئها على بكائها.. واصمتْ
فصمتُ الرجل يركّع جبلاً.
ـ5ـ
وبينما كنت أداوي ألمي
 فاجأْتِني "فافي" بمقالها الرائع
"مراسلات أدباء مجانين"
فأنقلب الألمُ غبطة، 
وهيصة، 
ودبكة بعلبكية،
ورحتُ أركضُ كالمجنون،
أصعدُ الدرجَ 
وأنزلُ الدرجَ
أدخلُ الحديقة 
وأخرجُ من الحديقة
أجلسُ على مكتبي دقيقة 
وأقفُ دقيقتين.
ماذا أصابني؟
لستُ أدري..
مقالها محا من عمري عشرَ سنوات
ورمى أمامي بورقة كُتبَ عليها:
إنتبه.. 
كلمتك لا تموت.
ـ6ـ
كم كنت محظوظاً حين تعرّفت على "فافي"..
هي كانتْ في مصر
وكنتُ أنا في أستراليا
وبسبب اشتياقنا الشديد لبعضنا البعض
قررنا السكنَ في وطن واحد 
اسمه "الكلمة".
وها هي تجبرُ الأمم المتحدة 
على إعلانه
وطناً 
للجميع
ـ7ـ
"فافي.."
أصبحتْ وطني.
**