مقدمة

جوزاف بو ملحم يسلّم جائزة شربل بعيني لفاطمة ناعوت


















بقلم: جوزاف بو ملحم
   كأنّه حبّ من العالم العلوي قد هبط إلى هذه الأرض.
   الحبيبةُ كليةُ الاستحوذاية من غير أنانية متبعة، أو مخططة، أو مدروسة، أو حتى موجودة:
ناجى المعبودَ.. 
فأوحى له اسماً..
من وهجه يبتسمُ
هي "فافي" وجهٌ مصريٌّ
هيَ شمسٌ صاغتها الحِكمُ
   حبّ عاش بين الكلمات، ونما على التويتر، وترعرع على الفايس بوك، فشهد له الإيمايل:
رسائُلها 
فرحةٌ التقيتها وجهاً لوجه.
أملٌ 
عائد بعد معاناة،
لذةٌ 
لا يشعر بها إلآّ المتيمون.
   حب أرفعُ من السقوط في الماديات، لا يلعب الجسدُ فيه دوراً. إنه منعتق من كل القيود، متفلّت من كل الضوابط:
أتمنى الجنونَ
كـ ميّ زيادة..
والموتَ وحيداً 
كـ جبران خليل جبران..
شرط أن ألتقي "فافي"
مرّة ثانية.. ولو بالحلم.
   هنا روحانيةٌ سماوية خارج إطار كلمات أهل الأرض، عليك إجهادُ نفسك لتقنع عقلك بأن هذا الجنون المتبادل هو بحق أرقى وألذ أنواع الجنون:
أنطونيو أعلنَ انكساره.
سلّمني دفاترَ غرامه.
هناك خربشاتٌ لم أفهمها
يفوحُ منها صوتُ عبد الوهّاب
رميتُ دفاتره في التاريخ
ورفعتُ راية كُتبَ عليها:
"مجنون فافي".
   أقسمَ بالله أنه يحبّها أختاً نادرة، وأقسم بالله أنها مغرمة به أخاً مميزاً:
رنّمي يا بلابلَ لبنان:
مباركٌ الآتي باسم الربّ.
إصدحي يا حساسينَ أستراليا:
طلعَ الفجرُ علينا.
وافرحي يا أهرامات مصر..
لقد وجدتُ أختي.. "فافي".
   بأمّ عيني رأيته يقبّل يدها بشدّة، فتذكّرت جبران وفيروز في قصيدة المحبة التي "لا تعرف عمقها إلا ساعة الفراق":
أما أنا.. فلقد التقيتُ "فافي"
أسبوعاً كاملاً.. 
وجهاً لوجه.. 
ابتسامة بابتسامة.. 
قصيدة بقصيدة..
وعندما رفعتْ يدها مودعةً
قبّلتُ تلك اليد.
   ولكن، هل افترقا حقاً؟:
اليوم، أهدتني "فافي"
سطرين من الشعر،
أفنيتُ عمري لأحظى بمثلهما:
ـ "أنت غيمةٌ تُمطر شعراً
وأنا جِنيّة صغيرة تطير بين الشجر".
اليوم، أصبحتُ شاعراَ. 
   في السيّارة كان كلامه لي بالسرّ عنها.. وعلى موقعه "الغربة" كان كلامه علناً عنها..
   التغطيات المصورة هي نجمتها. 
   مقالاتها، مقابلاتها، قصائدها، أخبار تحركاتها، إيمايلاتها، ملأت صفحات غربته الموقع، وانتشلته من جحيم غربة الحياة:
رحلتها القصيرة في أجوائي
عطّرت أجوائي.
كانت أطهرَ من قديسة..
وأشرفَ من زوجة.
كانت سيدةَ المكانِ والزمان..
لا يغبّر نعليها انفتاحٌ.
ولهذا أحببتها.
   علوياً هو يحبّها كثيراً، ويدعو الناس الى محبّتها:
يا رجالَ العالم، يا شعراءَه الأفذاذ..
أحبّوا "فافي"
غازِلوها.. ارسلوا لها الورودَ..
دبّجوا لها قصائدَ الغرام..
ولا تخافوا لومةَ لائم..
إنها أختي..
وأنا أبصمُ لكم على بياض..
    أما أرضياً فهو يغار عليها وعلى سمعتها. 
   يغار عليها حتى من حاله، فكان دائماً يأمرني مستجدياً أن أكون بصحبتهما!
   وها هي "فافي" تشهد على ذلك:
طبعًا تذكرتُ..
الشقيقاتُ الثلاث
والتليفريك
ودوشةُ المُعجبين
وصندوقُ اللعب
وأنتَ
وجوزاف
وأنا
وحقيبتي الضائعة
وشالُ الحرير....
   ويغارُ عليها من أصدقائه الكثيرين خوفاً من أن ينظر أحدُهم إليها نظرة أهل أرض.
   ولا غروَ.. فهي الجميلة بكل تقاسيمها، الجذابة المقنعة في كل ما تكتب:
زحمةٌ قاتلةٌ يسببها المعجبونَ في حلقي،
أفتّش عن كلمةٍ أستدرجُها بها،
فإذا بهم يسبقونني إليها،
يجاهرون بها دون خوف.
حبُّهم لها مَلِكٌ تاجُه هرمٌ.
حبّي لها عبدٌ قيدُه قبرٌ.
هم الأقوى.. وأنا الأضعف.
فارثوا لحالي.
   فتراه يتتبّع أخبارها بالدقائق واللحظات، ويسألُ ويستنبش عنها بالتفاصيل والدقائق:
.. وبعد مراجعةِ صفحتها على "الفايس بوك"
وجدتُ أن عددَ المجانين بها،
أكثر من دقّاتِ قلبي.
توقف قلبي عن النبضان 
تضامناً معي.
   أيها القراء والمتصفحّون، أنا هنا ما أردت أن أكتب مقدمة ديوان من شعر، أو كتاب مراسلة بين شاعرين، فغيري، من بين أصدقائهما، كثيرون أجدرُ وأكثر كفاءة وأرفع قامة.
   حسبي فقط أني شاهدٌ بأمِّ العين على حبّ لا نظير له على هذه الأرض.
**